المرأة التي سمع الله صوتها
كانت السيدة عائشة رضوان الله عليها قد بدأت بغسل طرف من شعر الرسول (ص)، عندما دخلت عليهما خولة بنت ثعلبة تشتكي وتستوضح الرسول (ص) في أمر زوجها أوس بن الصامت.
وكانت خولة هذه من أجمل نساء المدنية، وكانت زوجة طيعة لينة، عارفة بدينها ممسكة بذمام بيتها وأسرتها، أفنت شبابها، وأذبلت جمالها، وأضعفت جسدها في سبيل إرضاء زوجها، ورعاية بنيه. وكانت حياتهما تسير هادئة مطمئنة، اساسها التقوى، قائمة على الإيمان، سقفها الإثيار والتوقير، وبساطها حب الله ورسوله.
ويوما ما ألقي حجرا على هذه المياه الهادئة فعكر صفوها وأثار أمواجها وبدأ موجها يتبع بعضا في الهيجان فما كان من خولة إلا أن خرجت مهرولة إلى الرسول (ص) تشتكي إليه تهدهد بنيان بيتها، وأن عرش بيتها قد قارب السقوط.
بدأت قائلة ما زالت عائشة تغسل شق رأس رسول الله (ص):
إن أوساً تزوجني شابة،غنية، ذات مال وجمال واهل، حتى إذا أكل مالي وأفنى شبابي وكبر سني وتفرق أهلي، قال أنا عليه كظهر أمه، أي ظلم هذا؟
فقال لها رسول الله (ص) عليه وسلم حرمت عليه ولم يزد.
فقالت بلسان الزوجة المطيعة الحريصة على بيتها، ويعلوها الحيرة والأسى: لكن أوساَ لم يذكر طلاقاً يا رسول الله، إنه أبو ولدي وأحبُ الناس إلي.
فقال رسول الله (ص): حرمت عليه ولم يزد على ذلك.
فقالت بلسان العاجز الذي فقد حليته وضاع أمله: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي فقد طالت صحبتي ونفضت له بطني.
فقال رسول الله (ص): ما أراك إلا قد حرمت عليه، ولم أومر في شأنك بشيء. وكان الظهار من أمر الجاهلية كأن يقول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أمي أو بأي أمرأة محرمة عليه كأخت وخالة وغيرهما، لم ينزل على الرسول قرآن من قبل في شأن الظهار، إذ كانت هذه أول مسألة ظهار في الإسلام.
وما برحت خولة تراجع الرسول (ص) في أمر زوجها ويجيبها الرسول بأنك قد حرمت عليه.
وعندما بلغ بها اليأس اقصاه قالت: يا رسول الله إن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا.
ومازالت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: اللهم إني أشكو إليك، اللهم فإنزل على لسان نبيك.
ومازالت خولة تراجع رسول الله (ص) قائلة: انظري في أمري يا نبي الله، جعلني الله فداك، وكانت عائشة قد قامت تغسل الشق الآخر من رأس الرسول (ص)، وكان الرسول قد بدأ حاله يتغير.
فقالت عائشة: وهي العارفة بحال زوجها، أقصري حديثك أما ترين وجه رسول الله (ص)؟ فلما قضى الوحي قال الرسول (ص) لخولة أدعي زوجك. وخرجت مسرعة يغطيها السرور.
فدخل اوس وسلم على الرسول (ص) وهو مطأطي رأسه، فتلى عليه الرسول (ص) قوله تعالى: ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ….)
فغمر خولة البسط والسرور
مواضيع قد تهمك